الاثنين، 30 سبتمبر 2019

الرحلة الخامسة.. متحف الفن الإسلامي (القاهرة)







متحف الفن الإسلامي بالقاهرة (افتتح 9 شوال 1320هـ=28 ديسمبر 1903م)
يعد "متحف الفن الإسلامي" بالقاهرة أكبر متحف إسلامي فني في العالم؛ حيث يضم بين جنباته مجموعات متنوعة من الفنون الإسلامية من الهند والصين وإيران مرورا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس.
افتتح المتحف لأول مرة في (9 شوال 1320هـ=28 ديسمبر 1903م) في ميدان "باب الخلق" أحد أشهر ميادين القاهرة الإسلامية، وبجوار أهم نماذج العمارة الإسلامية في عصورها المختلفة الدالة على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية من ازدهار كجامع ابن طولون، ومسجد محمد علي بالقلعة، وقلعة صلاح الدين.
وقد سُمي بهذا الاسم منذ عام 1952م، وذلك لأنه يحتوي على تحف وقطع فنية صنعت في عدد من البلاد الإسلامية، مثل إيران وتركيا والأندلس والجزيرة العربية... إلخ، وكان قبل ذلك يسمى بـ"دار الآثار العربية".

قصة الإنشاء
امتدادًا للنهضة المتحفية والاهتمام بالآثار المصرية التي شهدها عصر "محمد علي باشا"، صدرت مجموعة من القوانين لحماية الآثار المصرية، واعتبارها تراثا إنسانيا هاما يجب المحافظة عليه؛ مما دعا أمراء وحكام أسرة محمد علي للتفكير في إنشاء متاحف كبرى متخصصة ترقى إلى مستوى متاحف أوربا وأمريكا، بتميز واضح تمثل في أنها أنشئت خصيصا لتكون متاحف للتراث والفنون الإسلامية.
وكان "المتحف المصري" من أوائل المتاحف الكبرى التي أنشئت في القاهرة، وذلك في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، حيث افتتح في عام 1901 ليكون أول مبنى في مصر شيد بالخرسانة المسلحة، ثم تلاه مبنى متحف الفن الإسلامي الذي أمر بإنشائه الخديوي عباس حلمي الثاني وافتتح عام 1903م ليكون ثاني مبنى شيد بالخرسانة المسلحة.
وترجع أهمية هذا المتحف إلى كونه أكبر معهد تعليمي في العالم معني بمجال الآثار الإسلامية وما يعرف بالفن الإسلامي ككل. فهو يتميز بتنوع مقتنياته سواء من حيث أنواع الفنون المختلفة كالمعادن والأخشاب والنسيج وغيرها، أو من حيث بلد المنشأ كإيران وتركيا والأندلس وغيرهما.
ويأتي متحف "طوب قبو سراي" بإستانبول في المرتبة الثانية بعد متحف الفن الإسلامي من حيث إن 90% من مقتنياته من الفنون والتحف التركية و10% يمثل الفنون الإسلامية التي تنتمي إلى بقية العالم الإسلامي.
ومن الجدير بالذكر أن الفن الإسلامي بدأ في القرن (1 هـ = 7 م) وبلغ أوج عظمته في القرنين (7،8هـ=13،14م)، واعتمد في نشأته على مصدرين رئيسيين هما: الفن البيزنطي، والفن الساساني، ولكنه تميز عن باقي الفنون بكونه فنا زخرفيا، اعتمد على مجموعة من الزخارف لتكون عناصره الأساسية: كالزخارف الكتابية والهندسية والنباتية ورسوم الكائنات الحية من آدمية وحيوانية (تلك العناصر التي وجدت على العمائر والأعمال الفنية والتحف والفنون التطبيقية الإسلامية).

مقتنيات ثمينة
جمعت النواة الأولى المكونة للمتحف الإسلامي عام 1880م في عهد الخديوي توفيق، وهي عبارة عن مجموعات صغيرة من الآثار الإسلامية، في الإيوان الشرقي من جامع الحاكم بأمر الله، وفي عام 1881م صدر أمر بإنشاء مكان خاص بصحن جامع الحاكم لحفظ هذه الآثار، وقد كانت مقتنيات اللجنة عبارة عن هدايا ومجموعات أثرية كانت في حوزة بعض الباشوات والأمراء من هواة ومحبي الفنون الإسلامية.
وقد زود المتحف، بعد ذلك، بعدد كبير من محتوياته عن طريق الهبات التي تبرع بها أبناء الأسرة العلوية مثل: الملك فؤاد الذي قدم مجموعة ثمينة من المنسوجات، والأختام، والأمير محمد علي، والأمير يوسف كمال، والأمير كمال الدين حسين، ويعقوب آرتين باشا، وعلى إبراهيم باشا الذين زودوا المتحف بمجموعات كاملة من السجاد الإيراني والتركي والخزف والزجاج العثماني.
ويؤكد الدكتور "محمد عباس" مدير المتحف على المكانة التي يتقلدها المتحف بين متاحف العالم كالمتحف البريطاني، ومتحف فكتوريا وألبرت بلندن، ومتحف اللوفر، في احتوائه على مجموعة مميزة من أشكال الفن والآثار الإسلامية، إضافة إلى تميزه بمجموعات فنية ضخمة تقترب من الشمول والكمال.

النوادر
كما يضم المتحف مجموعة نادرة من أدوات الفلك والهندسة والكيمياء والأدوات الجراحية والحجامة التي كانت تستخدم في العصور الإسلامية المزدهرة، بالإضافة إلى أساليب قياس المسافات كالذراع والقصبة، وأدوات قياس الزمن مثل الساعات الرملية، ومجموعة نادرة من المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا، ومجموعة الخزف المصري والفخار من حفائر الفسطاط، والخزف ذو البريق المعدني الفاطمي، ومجموعة من أعظم ما أنتج الفنان المسلم من أخشاب من العصر الأموي (41 – 132 هـ) (661 - 750 م ).
ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بمجموعات متميزة من الخشب الأموي الذي زخرفه المصريون بطرق التطعيم والتلوين والزخرفة بأشرطة من الجلد والحفر، ومنها أفاريز خشبية من جامع عمرو بن العاص ترجع إلى عام 212 هـ.
وبالمتحف أيضا مجموعة مهمة من الخشب الذي أنتج في العصر العباسي بمصر، وخاصة في العصر الطولوني الذي يتميز بزخارفه التي تسمى "طراز سامراء" وهو الذي انتشر وتطور في العراق، فهو يستخدم الحفر المائل أو المشطوف لتنفيذ العناصر الزخرفية على الخشب أو الجص وغيرها.
وتأتي أهمية التحف الخشبية التي يضمها المتحف لكونها تمثل تطور زخارف سامراء، وهي تحف نادرة، لم يعثر على مثيلها في سامراء العراق نفسها.

ومن أندر ما يضمه المتحف من التحف المعدنية ما يعرف بإبريق مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، ويمثل هذا الإبريق آخر ما وصل إليه فن صناعة الزخارف المعدنية في بداية العصر الإسلامي، وهو مصنوع من البرونز ويبلغ ارتفاعه 41 سم وقطره 28سم.
كما يضم المتحف أقدم شاهد قبر مؤرخ بعام 31هـ، ومن المخطوطات النادرة التي يضمها المتحف كتاب "فوائد الأعشاب" للغافقي، ومصحف نادر من العصر المملوكي، وآخر من العصر الأموي مكتوب على "رَقّ الغزال".
ومن المعادن يوجد في المتحف مفتاح الكعبة المشرفة من النحاس المطلي بالذهب والفضة باسم السلطان الأشرف شعبان، ودينار من الذهب مؤرخ بعام 77 هجرية؛ وترجع أهميته إلى كونه أقدم دينار إسلامي تم العثور عليه إلى الآن، بالإضافة إلى مجموعة متميزة من المكاحل والأختام والأوزان تمثل بداية العصر الإسلامي الأموي والعباسي ونياشين وأنواط وقلائد من العصر العثماني وأسرة محمد علي.
كما يضم مجموعات قيمة من السجاجيد التركية والإيرانية من الصوف والحرير ترجع إلى الدولة السلجوقية والمغولية والصفوية والهندية المغولية في فترة القرون الوسطى الميلادية؛ وهي من صنع أصفهان وتبريز بإيران وأخرى من صناعة آسيا الصغرى.

أكبر عملية تطوير
محمد عباس مدير متحف الفن الإسلامي
تبعا لقانون الآثار 117 لسنة 83 يعتبر مبنى المتحف الإسلامي بالقاهرة من المباني الأثرية وذات القيمة الفنية والتاريخية، ويقضي القانون بتحويل المباني التاريخية التي يمر على إنشائها مائة عام إلى مبانٍ أثرية وتسجل كأثر، وهذا ما حدث مع المتحف.
يشهد المتحف منذ سنوات أكبر عملية تطوير وترميم وإعادة عرض القطع الأثرية وفقا لسيناريو عرض عالمي استعين في تخطيطه بمؤسسة أغاخان، كما تتم عمليات الترميم بمساعدة خبراء من فرنسا متخصصون بترميم قطع الفسيفساء والنافورات الرخامية، وهي أكبر عملية تطوير يشهدها المتحف خلال مئة عام، فقد بدأت أعمال الترميم في عام 2001م وما زالت مستمرة ومن المتوقع أن يتم الانتهاء في أوائل عام 2006م.
وقد قامت الجهة المنفذة لأعمال التطوير بعمل مجسات للتربة لتدعيم أرضيات المتحف وحوائطه، وتم استحداث ما يعرف بـ"الأدوار المسروقة" للاستفادة من ارتفاع الأسقف واستخدامها كمخازن للقطع الفنية.
وتشمل أعمال التطوير أيضا إنشاء مدرسة متحفية للأطفال، وأخرى للكبار، وإنشاء مبنى إداري بجوار المتحف على قطعة أرض بمساحة 270 مترا.
ويشغل الطابق الأول من المبنى الذي يقع في "ميدان باب الخلق"، بينما يشغل الطابق الثاني من المتحف "دار الكتب المصرية"، وشيد المبنى على طراز العمارة المملوكي الذي عرف فيما بعد بالطراز المصري الإسلامي.

ويوضح مدير المتحف "محمد عباس" أن عدد القطع والتحف الفنية التي يضمه المتحف يبلغ أكثر من مائة ألف وثلاثة آلاف قطعة، سيعرض منها 2500 قطعة، وذلك لمنح القطع الفنية فرصة ومساحة أكبر كي يتسنى للزائر رؤيتها بشكل مناسب.
وينتهي مبنى التحف من أعلى بمجموعة من الشرفات التي تزين سطحه والتي كانت تستخدم في العمارة الإسلامية، ويزين واجهاته أيضا مجموعة من الأعمدة ذات الطراز الإسلامي وأخرى بتيجان من "ورق الأكانتس"، ومجموعة من الزخارف الجصية.

أقسام المتحف
يقسم المتحف الإسلامي تبعا للعصور والعناصر الفنية والطرز، من الأموي والعباسي والأيوبي والمملوكي والعثماني، ويقسم إلى 10 أقسام تبعا للعناصر الفنية وهي: المعادن والعملات والأخشاب والنسيج والسجاد والزجاج والزخرف والحلي والسلاح والأحجار والرخام.
وبحسب المخططات الجديدة سيتم تقسيم العرض داخل المتحف إلى قسمين:
الأول: يمثل الفن الإسلامي في مصر ويأخذ الجناح الشمالي.
والثاني: سيخصص للتحف التي تمثل تاريخ الفن الإسلامي في الأناضول وأسبانيا والأندلس.
وتبعا لأعمال التطوير فقد أنجزت قاعات لبيع الهدايا، وقاعة لكبار الزوار مصممة وفق طراز إسلامي. كما ستستخدام وسائل تكنولوجية حديثة في الحفاظ على مقتنياته.
كما يضم المتحف عشرة أقسام معبرة عن عناصر الفنون الإسلامية بداية من العصر الإسلامي المبكر وانتهاء بأسرة محمد على منها:
1.قسم الخزف والفخار
يضم أنواع الخزف والفخار في مصر منذ العصر الأموي، ونتائج حفائر الفسطاط، والخزف ذو البريق المعدني الذي اشتهر في العصر الفاطمي والمملوكي في مصر، والخزف الإيراني، والخزف والفخار العثماني المنسوب إلى "رودس وكوتاهية"، وخزف إيران طراز سلطان آباد والبورسلين الصيني.
2. الأخشاب
ويضم أنواع التحف الخشبية الأموية، وطراز سامراء العباسي في حفائر العصر الطولوني في مصر، وجميع المنابر الأثرية من العصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي، والأحجبة الخشبية، وكراسي المقرئين الموجودة بالمساجد والجوامع الأثرية، ومجموعات الصناديق الخشبية التي تخص السلاطين والأمراء المسلمين، وجميعها منفذة بطرق الحشوات المجمعة والتجليد والتذهيب والحفر والتجسيم.
3. المعادن
ولعل أهم مقتنيات المتحف من المعادن الإسلامية هي الشمعدانات المملوكية، وإسطرلاب وهو من أدوات الفلك، والطسوت، والثريات، والكراسي وكلها منسوبة إلى السلاطين والأمراء وهي محلاه بالذهب والفضة ومزينة بالكتابات والزخارف الإسلامية.
4. الزجاج
يحتوي المتحف على نماذج من الزجاج الإسلامي الذي انتشر في مصر والشام وخاصة في العصرين المملوكي والأيوبي، ومنها كؤوس ومشكاوات مموه بالمينا، وتعد المشكاوات أهم نماذج فن الزجاج.
5- النسيج
ومن أشهر النسيج الذي يحتويه المتحف: نسيج القباطي المصري، ونسيج الفيوم، والطراز الطولوني من العصرين الأموي والعباسي، ونسيج الحرير والديباج، ونسيج الإضافة من العصر المملوكي.




الرحلة الرابعة .. المتحف المصرى الكبير بالجيزة






المتحف المصري الكبير

المتحف المصري الكبير أو (بالإنجليزية: GEM - Grand Egyptian Museum) يقع على بعد أميال قليلة من غرب القاهرة بالقرب من أهرام الجيزة. ويتم بناؤه ليكون أكبر متحف في العالم للآثار، ليستوعب 5 ملايين زائر سنويا . بالإضافة لمباني الخدمات التجارية والترفيهية ومركز الترميم والحديقة المتحفية التي سيزرع بها الأشجار التي كانت معروفة عند المصري القديم. وقد أطلقت مصر حملة لتمويل المشروع الذي تقدر تكلفته بحوالي 550 مليون دولار، تساهم فيها اليابان بقيمة 300 مليون دولار كقرض ميسر، لكن أول محاولة لجمع المال اللازم لبناء هذا الصرح العملاق، تمثلت في المعرض الجديد للآثار المصرية في متحف الفنون في مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، تحت شعار "توت عنخ أمون والعصر الذهبي الفرعوني". ومن المقرر أن يضم المتحف أكثر من 100,000 قطعة أثرية من العصور الفرعونية، واليونانية والرومانية، مما سيعطي دفعة كبيرة لقطاع السياحة في مصر.

المرحلة الأولى
وهي المرحلة التي شملت التصميمات، والرسومات الفنية والهندسية والإنشائية، وتحديد التكلفة الدقيقة للمشروع. وضع حجر أساس المشروع الرئيس محمد حسني مبارك في فبراير 2002، وفي مؤتمر صحفي دولي تم الإعلان عن المسابقة المعمارية الدولية لتصميم المتحف المصري الكبير ليكون أكبر متحف للآثار المصرية في العالم بجوار هضبة الأهرام بالجيزة، ونظمت المسابقة المعمارية الدولية المفتوحة برعاية هيئة اليونسكو وتقدم معماريون واستشاريون من 83 دولة بتصورات ومشروعات معمارية بلغت في مجملها 1557 مشروعاً، وفي يوليو 2003 وزعت جوائز المسابقة المعمارية على الفائزون الأوائل ووصل مجموع الجوائز إلى 750 ألف دولار. شارك في التصميم الفائز 14 مكتباً استشارياً من خمس دول مختلفة. واستغرقت دراسة المشروع 3 سنوات بتكلفة بلغت 2 مليون دولار، تم كتابتها في 8 مجلدات.

 المرحلة الأولى:
هي مرحلة ما قبل التصميم الابتدائي خلال الفترة من 23 نوفمبر 2003 حتى 23 مايو 2004 واشتملت على الدراسات الهندسية والفنية لتحضير وبحث كل العناصر والمكونات اللازمة لإعداد التصميم الابتدائي في جميع التخصصات الهندسية.
المرحلة الثانية:
هي المرحلة التي استمرت خلال الفترة من 15 أغسطس 2004 حتى 30 يونيه 2005 واشتملت على إعداد الرسومات الهندسية للمرحلة الابتدائية النهائية في جميع التخصصات الهندسية، وبدأت خلال تلك الفترة أعمال البناء والتشييد خلال تلك المرحلة في مايو 2005.
المرحلة الثالثة:
 وهي مرحلة التصميم التفصيلي والتي استمرت خلال الفترة من 15 أبريل 2006 حتى 26 أبريل 2007 واشتملت على دراسة تفصيلية لجميع بنود وتفاصيل المتحف وعقد اختبارات الجودة المطلوبة على المواد والتصميم بالإضافة إلى النظم المتوقع تطبيقها.

المرحلة الرابعة:
هي المرحلة التي استمرت خلال الفترة من 15 أغسطس 2007 حتى 15 سبتمبر 2008 وأتم خلالها فريق التصميم إعداد تصميم متكامل يجمع بين جميع التخصصات.

المرحلة الثانية
بدأت أعمال البناء والتشييد في مايو 2005 بالتوازي مع استكمال المرحلة الأولى التي تضمنت أعمال التصميم. واشتملت المرحلة الثانية على بناء مركز ترميم الآثار، ومحطتي الطاقة الكهربية، ومحطة إطفاء الحريق، ومبنى الأمن، والمخازن الأثرية. تكلفت تلك المرحلة حوالي 240 مليون جنيه بما يوازي 43 مليون دولار تم تمويلها بالكامل من صندوق تمويل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار وقد احتوت محطة الطاقة الكهربائية على ماكينات التكييف المركزي والتحكم البيئي لتزويد مبنى مركز الترميم بالطاقة، كما تستخدم كمحطه بديلة لمبنى المتحف الرئيسي في حالة الطوارئ. أما مركز إطفاء الحريق فقد تم تجهيزه بأجهزة مقاومة الحريق تتم إدارتها من قبل إدارة الدفاع المدني لخدمة المتحف وكذلك المنطقة المحيطة بالمتحف.
المرحلة الأولى:
تأهيل الموقع واستغرقت 6 أشهر، وتم فيها إخلاء الموقع من جميع الإشغالات وإزالة المخلفات وبناء أسوار لتحديد الملكية بطول حوالي 3 كم وتمهيد الطرق الداخلية لتسهيل إدارة الموقع أثناء مراحل التنفيذ المختلفة، مع تخصيص موقع آمن لنقل تمثال رمسيس ، وتم عمل البوابات ونظم تأمين وإضاءة الموقع بأكمله واللافتات الإعلانية عن المشروع.
المرحلة الثانية:
بدأت في يوليو 2006 حيث تم التعاقد مع الشركة المنفذة لبناء وتشييد مركز الترميم ومركز الطاقة ومحطة إطفاء الحريق وتم الانتهاء من البناء خلال 21 شهراً.
المرحلة الثالثة:
تضمنت أعمال تجهيز مركز الترميم بالآلات والمعدات اللازمة لبدء ترميم وتجهيز القطع الأثرية لعرضها بالمتحف، بهدف إعداد وتجهيز مائة ألف قطعة أثرية والمخصصة للعرض في صالات المتحف.
افتتاح المرحلة الثانية
في 14 يونيو 2010 افتتحت السيدة سوزان مبارك المرحلة الثانية من المشروع وشهد الافتتاح فاروق حسني وزير الثقافة والمهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية والدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم والمهندس سيد عبد العزيز محافظ الجيزة والدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والدكتورة شادية قناوى رئيس لجنة الإشراف على تنفيذ مشروع المتحف.
المرحلة الثالثة
وتشمل بناء صالات العرض المتحفي، متحف الدارسين، مركز المؤتمرات والسينما، مكتبة أثرية، متحف الطفل. وهي المرحلة التي يجري بها العمل حالياً، حيث يتم افتتاح المرحلة الأولى في مايو 2018 بعرض مقتنيات توت عنخ آمون، على أن يتم الافتتاح النهائي للمشروع في نوفمبر 2022.
المرحلة الأولى:
هي المرحلة التي تضمنت أعمال البناء والتشييد تضمنت الحفر العام وتسوية وإزالة الرمال من الموقع تمهيداً لبناء المبنى الرئيسي للمتحف، وانتهت الأعمال في فبراير 2009، واستلزمت أعمال تسوية الموقع العمل المتواصل 24 ساعة يومياً طوال أيام الأسبوع، وتم خلال تلك الفترة إزالة 2.25 مليون متر مكعب من الرمال خارج موقع المشروع لإتاحة المساحة المطلوبة.
المرحلة الثانية:
هي مرحلة تشييد المبنى الرئيسي علي مساحة إجمالية 108 ألف متر مربع، وبدأت تلك المرحلة عام 2012، وتضمنت بناء مباني المتحف وصالات العرض المتحفي، ومتحف الدارسين والعلماء، ومركز الاجتماعات والمسرح، والسينما ثلاثية الأبعاد، والمكتبة الأثرية، ومتحف الطفل، ومتحف ذوي الاحتياجات الخاصة، ومركز الوسائط المتعددة، والمركز الثقافي والتعليمي، ومركز الحرف والفنون التقليدية، والمنطقة الترفيهية والاستثمارية، والحديقة المتحفية والحدائق الترفيهية والمسار السياحي الثقافي لربط المتحف بهضبة الهرم.
نقل الآثار
نقل تمثال رمسيس الثاني
في 25 أغسطس 2006 تم نقل تمثال رمسيس الثاني من موقعه القديم في ميدان رمسيس بالقاهرة ليوضع في موقعه الجديد بمدخل المتحف المصري الكبير، والذي يصل وزنة إلى 83 طناً.
نقل آثار الأقصر
في مارس 2016 تم إنهاء الاستعداد لنقل 778 قطعة آثرية من محافظة الأقصر إلي المتحف المصري الكبير وسط تأمينات وتشديدات أمنية مكثفة، وكذلك باستخدام وسائل حماية وتغليف متميزة طبعاً للقواعد العالمية. وتعود القطع الأثرية لعصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، وإن كان أغلبها يعود لعصر الدولة الحديثة، من بينها تمثال كبير للملك أمنحتب الثالث والإله حورس من الجرانيت الوردي يزن حوالى 4 طن والذي سيتم عرضه على الدرج العظيم بالمتحف بالإضافة إلى عدد من قطع الفخار ومجموعة من التوابيت.
نقل آثار المتحف المصري بالتحرير
في 8 سبتمبر 2016 تم نقل 525 قطعة أثرية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف المصري الكبير، ومن ضمن القطع المنقولة 367 قطعة من مقتنيات الملك توت عنخ أمون، تمهيداً لعرضها ضمن مجموعته المقرر نقلها بالكامل إلى المتحف الكبير عند الافتتاح الجزئي للمتحف خلال عام 2018.
نقل مركب خوفو الثانية
استقبل المتحف على فترات مختلفة القطع الخشبية الخاصة بمركب خوفو الثانية، وذلك لاستكمال ترميمها وعرضها بالمتحف

الأحد، 29 سبتمبر 2019

الرحلة الثالثة .. تعريف الحضارة

تعريف الحضارة
ما هى الحضارة
الحضارة هي عدّة إنجازات ذات طبيعة ملموسة يساهم في ظهورها مجتمع معين؛ عن طريق تأثيره في أغلب مجالات الحياة سواء الدينيّة أو الاجتماعيّة أو العمرانيّة أو السياسيّة؛ بسبب ظهور تفاعل بين الشعوب والبيئة التي يولدون فيها، وتُعرَّف الحضارة بأنّها الثمرة الناتجة عن الجهود الإنسانيّة التي تُساهم في تحسّن ظروف الحياة، سواء كانت هذه الجهود مقصودةً أمّ غير مقصودة للوصول إلى ثمرة الحضارة. ومن التعريفات الأُخرى للحضارة هي كلمة مشتقة من الجذر الثلاثيّ العربيّ حَضَرَ، وتُمثّل مجموعة من المنازل والقُرى المأهولة بالسُكّان، كما استخدمت كلمة الحضارة للإشارة إلى المجتمعات المُعقدة التي يسكّن فيها أكثر من شخصٍ، ويعملون في الزراعة أو الصناعة

شروط الحضارة
يعتمد ظهور حضارة معينة على وجود مجموعة من الشروط التي تجتمع معاً، وفيما يأتي معلومات عن مجموعة منها: الاستقرار الحضاريّ: هو امتلاك الشعب استقراراً معتمداً على مجموعة من العوامل، مثل التطوّر الحضاريّ والازدهار، كما يُشير الاستقرار إلى عدم حركة الأفراد من مكانٍ إلى آخر؛ من خلال اعتماد الإنسان على الزراعة التي تشجّعه على الإبداع في اختراع مجموعة من الآلات والأدوات لاستخدامها في الأعمال الزراعيّة. التّعاون بين الأفراد: هو التّرابط الذي يظهر عند الإنسان بعد تحقيقه للاستقرار في مكانٍ ما؛ عن طريق الاعتماد على الجهود الجماعيّة التي تربط بين النّاس، ويدفعهم ذلك إلى السعي لتحقيق التعاون بينهم وتجنّب المنافسة داخل المجتمع الواحد؛ إذ إنّ الجهود الفرديّة تكون ضعيفة وغير قادرة على الوصول إلى الكفاية الغذائيّة، وتوفير الحماية اتّجاه العدوان الخارجيّ سواء كان من مجتمعات إنسانيّة أُخرى أو كان من مصادر حيوانيّة.
ظهور الكتابة: هي شرط أساسيّ لظهور أي حضارةٍ إنسانيّة؛ بسبب دورها في تفعيل عملية الاتصال والتواصل المستمر بين النّاس؛ لذلك اهتمّت العديد من الحضارات منذ ظهورها باختراع الكتابة؛ حتّى تساهم في نقل معلومات عن الأفعال والأقوال الخاصة بها إلى الأجيال اللاحقة، كما تُشارك الكتابة في المحافظة على المكاسب والاختراعات التي ظهرت نتيجة لإبداع الإنسان.

العلاقة بين الحضارة والنّاس 
توجد علاقة تربط الحضارة مع النّاس الذين يعيشون على أرضها، ويصبحون جزءاً أساسيّاً منها، وتلخص هذه العلاقة وفقاً للآتي: الاكتساب: هو دور الحضارة في بناء الصفات المرتبطة بالإنسان الذي يعيش على أرضها؛ إذ يوّلدُ كائناً بيولوجيّاً لا يتميّزُ بأيّ صفاتٍ اجتماعيّة، ويُساهم وجوده في أسرته بتزويده بمجموعة من المكوّنات والخصائص الثقافيّة الخاصة بمجتمعه؛ من خلال الاعتماد على دور التربية الاجتماعيّة التي تُعلّم الأعراف، والتقاليد، والدين، واللغة التي تحوّل الإنسان إلى كائن اجتماعيّ يتمتع بصفات المجتمع الذي يعيش فيه. الميراث الاجتماعيّ: هو دور الحضارة في توصيل الأفكار والخبرات وطُرق الاتصال بين الأشخاص؛ عن طريق استخدام قنوات الاتصال الخاصة بها، مثل الضبط الاجتماعيّ والتربية الاجتماعيّة، ولا يعني أنّ الحضارة جزء من الميراث الاجتماعيّ بأنّها غير قادرة على التكيف مع التطوّرات الحديثة المتلاحقة، أو أنّها منفصلة عن الحاضر والواقع في المجتمع، بل تحرص الحضارة على تطوير أساليبها وأدواتها في التربية والتعليم وتنظيم العلاقات بين النّاس؛ بهدف المحافظة على استمرارها وتجنّب تراجعها.
صفات الحضارة تمتلك الحضارة مجموعة من الصفات والخصائص التي تُساهم في تميّزها، وهي: تتميّز الحضارة بالإنسانيّة؛ بسبب ارتباطها المباشر مع الإنسان دون الكائنات الحية الأُخرى. توجد الحضارة ضمن الأفكار الإنسانيّة، والناتجة عن إدراك وتعلّم الإنسان بأنّ الماضي متفاعل ومرتبط مع الحاضر. تختلف الحضارة بين المجتمعات، ولكنها تشترك معاً بصفاتها الإنسانيّة. تتغيّرُ الحضارة بشكلٍ تدريجيّ وليس بصورةٍ فجائيّة. تستعيرُ الأُمّة التي تعيش في حضارةٍ معينة بعضاً من مكوّنات حضارتها من الحضارات التابعة للأُمّم الأُخرى. لا يستطيع الأفراد الهروب بشكلٍ تام من مكوّنات حضارتهم أو الحضارات التي يعيشون فيه
الحضارات في الوطن العربيّ
ظهرت خلال الأزمنة المتعاقبة على أراضي الوطن العربيّ الكثير من الحضارات التي استمرت للعديد من السنوات، وساهمت في التأثير بتاريخ البشريّة في العديد من المجالات، مثل الطبّ، والأدب، والعلوم، والثقافة والفلسفة، والاقتصاد، وغيرها من المجالات الأُخرى التي أثّرت في العالم، وفيما يأتي مجموعة من هذه الحضارات: حضارة مصر القديمة: وتُعرف أيضاً باسم حضارة وادي النّيل، وأُسّست في عام 4000 قبل الميلاد، وامتدت لتشمل شمال السودان ومصر، وتُعدّ أوّل الحضارات ظهوراً في العالم القديم. حضارات العراق: وتُعرف أيضاً باسم حضارات بلاد الرافدين، وضمّت مجموعة من الحضارات التي عاشت فيها عدّة شعوب، وهمّ الآشوريون، والبابليون، والسومريون، وحرصت هذه الحضارات والشعوب على التفاعل والتأثّر والتأثير بالحضارات المحيطة بها. الحضارات في سوريا: هي الحضارات التي احتوّت على شعوب ساهموا في نقل أصول وأُسّس الحضارة إلى دول العالم القديم، ومن أهمّ الشعوب السوريّة الآراميون، والكنعانيون، والعمّوريون، والفينيقيون. الحضارات في أراضي شبه الجزيرة العربيّة: هي مجموعة من الحضارات العربيّة التي انتشرت في مناطق الجزيرة العربيّة، ومن الأمثلة عليها الحضارة اليمنيّة التي تميّزت باهتمامها بالتّجارة وإنشاء وسائل الرّي والسدود، كما ظهرت في شمال الجزيرة مجموعة من القبائل والشعوب التي اهتمّت بتأسيس دولٍ قوية، وهم التدمّريون، والأنباط، والغسّاسنة، وتميّزت أيضاً شبه الجزيرة العربيّة بأنّها كانت النقطة الأساسيّة لهجرة العديد من الشعوب التي وصلت إلى الكثير من أراضي العالم العربيّ، كما امتدّت هجرتها إلى أراضي المغرب العربيّ، ويُشار كذلك إلى أن شبه الجزيرة العربيّة ساهمت في تأسيس العديد من الحضارات العربيّة الأوّلى التي شكّلت أجزاءً من الوطن العربيّ، وساهمت في التّمهيد لانتشار الديانات   السماويّة.                                                                                                                                          
****
الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف الحضارة من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون؛ وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها و باختصار الحضارة هي الرقي والازدهار في جميع الميادين و المجالات.
ترتكز الحضارة على البحث العلمي والفني التشكيلي بالدرجة الأولى ،فالجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجيا وعلم الاجتماع فأما الجانب الفني التشكيلي فهو يتمثل في الفنون المعمارية والمنحوتات وبعض الفنون التي تساهم في الرقي. فلو ركزنا بحثنا على أكبر الحضارات في العالم مثل الحضارة الرومانية سنجد أنها كانت تمتلك علماء وفنانين عظماء.
فالفن والعلم هما عنصران متكاملان يقودان أي حضارة.
وفي اللغة العربية هي كلمة مشتقة من الفعل حضر، ويقال الحضارة هي تشيد القرى والأرياف والمنازل المسكونة، فهي خلاف البدو والبداوة والبادية، وتستخدم اللفظة في الدلالة على المجتمع المعقد الذي يعيش أكثر أفراده في المدن ويمارسون الزراعة على خلاف المجتمعات البدوية ذات البنية القبلية التي تتنقل بطبيعتها وتعتاش بأساليب لا تربطها ببقعة جغرافية محددة، كالصيد مثلاً، ويعتبر المجتمع الصناعي الحديث شكلاً من اشكال الحضارة.
تعتبر لفظة حضارة مثيرة للجدل وقابلة للتأويل، واستخدامها يستحضر قيم (سلبية أو ايجابية) كالتفوق والإنسانية والرفعة، وفي الواقع رأى ويرى العديد من أفراد الحضارات المختلفة أنفسهم على أنهم متفوقون ومتميزون عن أفراد الحضارات الأخرى، ويعتبرون أفراد الحضارات الأخرى همجيين ودونيين.
و يذهب البعض إلى اعتبار الحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه ولا يقصد من هذا استخدامه إلى احدث وسائل المعيشة بل تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله وشعوره الإنساني تجاهها. ومن الممكن تعريف الحضارة على أنها الفنون والتقاليد والميراث الثقافي والتاريخي ومقدار التقدم العلمي والتقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ. إن الحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات والتقاليد وأسلوب المعيشة والملابس والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية ومقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون والآداب والعلوم.
أبدى الفلاسفة والمؤرخون وعلماء الآثار القديمة أسبابًا كثيرة لقيام الحضارات وانهيارها. وقد شبَّه جورج و. ف. هيجل الفيلسوف الألماني في أوائل القرن التاسع عشر المجتمعات بالأفراد الذين ينقلون شعلة الحضارة من واحد إلى الآخر، وفي رأي هيجل، أنه خلال هذه العملية تنمو الحضارات في ثلاث مراحل: 1- حُكْم الفرد. 2- حُكْم طبقة من المجتمع. 3- حُكْم كل الناس. وكان هيجل يعتقد أن هذا النسق تسفر عنه الحرية في آخر الأمر لجميع الناس.
كان الفيلسوف الألماني أوزوالد سبنجلر يعتقد أن الحضارات مثلها مثل الكائنات الحية تولد وتنضج وتزدهر ثم تموت. وفي كتابه انحدار الغرب (1918 - 1922م) ذكر أن الحضارة الغربية تموت، وسوف تحل محلها حضارة آسيوية جديدة.
وعرض المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي نظريته عن التحدي والاستجابة في كتابه دراسة التاريخ1 (1934ـ 1961م). كان توينبي يعتقد أن الحضارات تقوم فقط حيث تتحدى البيئة الناس، وحينما يكون الناس على استعداد للاستجابة للتحدي. على سبيل المثال، فإن الجو الحار الجاف يجعل الأرض غير مناسبة للزراعة ويمثل تحديًا للناس الذين يعيشون هناك. ويمكن أن يستجيب الناس لهذا التحدي ببناء أنظمة ري لتحسين الأرض. ورأى توينبي أن الحضارات تنهار حينما يفقد الناس قدرتهم على الابتكار. انظر: توينبي.
ويذهب معظم علماء الآثار القديمة إلى أن بزوغ الحضارات يرجع إلى مجموعة من أهم الأسباب تشمل البناء السياسي والاجتماعي للحياة والطريقة التي يكيف بها الناس البيئة المحيطة بهم والتغيرات التي تطرأ على السكان. وفي كثير من الحالات، يمكن أن تظهر الحضارات لأن رؤساء القبائل المحليين اتخذوا خطوات متعمدة لتقوية نفوذهم السياسي. ويعتقد كثير من العلماء أن سوء استخدام الأرض والمصادر الطبيعية الأخرى أسفرت عن الانهيار الاقتصادي والسياسي للحضارات الأولى. ويقال ان العنصرية و الطبقية منعا من نشر الحضارة (استنادا على راي هيجل)
*****
الحضارة الغربية ذات الخلفية الثقافية المسيحية الغربية بشكليها الكاثوليكية-البروتستانتية، تمتد هذه الحضارة من أوروبا الغربية إلى دول البلطيق، وأنغلو-أمريكا، وأستراليا، ونيوزيلاندا وإسرائيل. تقوم هذه الحضارة على أساسين ومصدرين هما الحضارة اليونانية-الرومانية والديانة المسيحية.
حيث تحدد الثقافة الغربيّة بأبعاد ثلاثة: الديانة المسيحية، القانون الروماني، والنزعة الإنسانية في الفلسفة اليونانية. النتاج التاريخي والثقافي لكل من عصر النهضة والثورة الصناعية أعطى مقومات منفردة وخصوصية لهذه الحضارة.
الحضارة الأمريكية اللاتينية تتشابه هذه الحضارة مع الحضارة الغربية كونها منطقة تستخدم فيها في المقام الأول
اللغات الرومانسية (أي، التي اشتقت من اللغة اللاتينية)- خصوصًا الأسبانية والبرتغالية، والفرنسية بنسب مختلفة وكون الرومانية الكاثوليكية هي الديانة المهيمنة فتسمى أيضًا بأمريكا اللاتينية. لكن لكونها منطقة فيها العديد من الأنساب والجماعات العرقية يجعلها ذلك منطقة فيها تنوعًا عرقيًا وثقافيًا مما يعطيها خصوصيّة ثقافية منفردة. وقد تعتبر المنطقة إما جزء من العالم الغربي أو حضارة متميزة بما فيه الكفاية أو مرتبطة بالغرب كونها تنحدر منها.
الحضارة اليابانية يدرج أغلب الباحثين الحضارة اليابانية كحضارة منفردة بسبب خصوصيّة الثقافة اليابانيّة. في حين يدرج أقلية من الباحثين الحضارة اليابانية كجزء من حضارة الشرق الأقصى.
الحضارة الصينية يدرج أغلب الباحثين الحضارة الصينية كحضارة منفردة وذات خصوصية ثقافية مميزة. من جذور وأساسيات الحضارة الصينية هي الفلسفة الكنفشيوسية. تمتد حدود الحضارة الصينية من الصين إلى تايوان وشبة الجزيرة الكورية وسنغافورة وفيتنام.
الحضارة الهندية هي الحضارة ذات الأساس الهندوسي وتمتد من الهند إلى النيبال وموريشيوس. تعتبر هذه الحضارة واحدة من أقدم الحضارات الإنسانيّة وهي مشبعة بالتقاليد والفلسفة والثقافة الهندوسية.
الحضارة الإسلامية وهي الحضارة التي تمتد بين البلدان ذات الأغلبية المسلمة والتي ترتبط من الناحية التاريخية والحضارية والإجتماعية في الإسلام. تمتد هذه الحضارة بين منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وآسيا الوسطى، وباكستان، وبنغلادش، وإندونيسيا وماليزيا. تنفرد هذه الحضارة بخصوصية ثقافية أساسها دين وتعاليم وتراث الإسلام. اللغات الأكثر انتشارًا في حدود هذه الحضارة اللغة العربية والفارسية والتركية واللغة الماليزية.
الحضارة المسيحية الأرثوذكسية تمتد هذه الحضارة بين الدول ذات الغالبية الأرثوذكسية والحضارة المسيحية الشرقية المشتركة والتي ترتبط من الناحية التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية. تمتد الحضارة الأرثوذكسية من روسيا إلى أوكرانيا، والقوقاز، والبلقان، واليونان وقبرص. أساس ومركزية هذه الحضارة تراث الإمبراطورية البيزنطية والأرثوذكسية الشرقية. اللغات المنتشرة في هذه المنطقة الحضارية هي اللغات السلافية، واللغة الرومانية، واليونانية، والأرمنية والجورجية.
الحضارة الأفريقية تمتد حدود هذه الحضارة إلى أفريقيا جنوب الصحراء. تتميز هذه الثقافة الأفريقية بإستجابات معقدة تجاه الإستعمار والإمبريالية الأوروبية. بدءاً من أواخر التسعينات من القرن الماضي يحاول الأفارقة تأكيد هويتهم الخاصة. تشترك شعوب هذه الحضارة بذاكرة ثقافية خاصة.
الحضارة البوذية تنتشر هذه الحضارة في عدد من دول الهند الصينية. حيث أن مركزية هذه الحضارة هي تعاليم وتراث بوذا والديانة البوذية ومذاهبها تيرافادا وهينايانا. تمتد حدود الحضارة البوذية في تايلندا، وكمبوديا، ولاوس، وبورما، وسريلانكا، وبوتان، ومنغوليا.
بدلاً من الإنتماء إلى واحدة من الحضارات "الرئيسية"، وصف صامويل هنتنجتون أن إثيوبيا وهايتي دول ذات حضارة "وحيدة ومتميزة". ويمكن اعتبار إسرائيل دولة فريدة من نوعها بسبب حضارتها الخاصة اليهودية، كما كتب هنتنغتون، لكن هذه الدولة تشبه إلى حد بعيد الغرب. ويعتقد هنتنغتون أيضاً أن منطقة البحر الكاريبي الناطقة باللغة الإنجليزية، والمستعمرات البريطانية السابقة في منطقة البحر الكاريبي، تٌشكل كياناً متميزاً.
هناك أيضاً "البلدان المشقوقة" لأنها تحتوي على مجموعات كبيرة من الناس ذات حضارات منفصلة. ومن الأمثلة على ذلك أوكرانيا التي تنقسم بين القسم الغربي الذي يسيطر عليه الكاثوليك الشرقيين والشرق الذي يهيمن عليه الأرثوذكس الشرقيين، وغويانا الفرنسية التي تنتمي بين حضارة أمريكا اللاتينية والحضارة الغربية، وبنين وتشاد وكينيا ونيجيريا وتنزانيا وتوغو والتي تضم جميعها الشق بين الحضارة الإسلامية وحضارة أفريقيا جنوب الصحراء، وغيانا وسورينام (الشق بين الحضارة الهندوسية وأفريقيا جنوب الصحراء)، وسريلانكا (الشق بين الحضارة الهندوسية والبوذية)، والصين (الشقاق بين الحضارة الصينية والبوذية في حالة التبت، والحضارة الصينية والغربية في حالة هونغ كونغ وماكاو)، والفلبين (الشقاق بين الحضارة الإسلامية في حالة مينداناو، وباقي المناطق التي تنقسم بين الحضارة الصينية والغربية). وقد أدرج السودان أيضاً في قائمة "بلدان الشق" حيث تنقسم بين الحضارة الإسلامية وحضارة أفريقيا جنوب الصحرا.
*****
أسس الحضارة في الإسلام:
كانت فترة ظهور الإسلام هي الفترة التي أعادت صياغة الإنسان في الجزيرة العربية، وأرست لبنات حضارة جديدة أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، ووضعت الأساس لبناء الإنسان في الإسلام. وكان الوحى هو الذى يعيد صياغة الفرد في معتقداته وأفكاره، ويزكيه، وينشئ الروابط، ويؤسس الصرح الذى يقوم عليه بناء الأمة. وصدق الله العظيم إذ يقول: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.. [المائدة: 15- 16].
ومن أبرز الأسس التي قامت عليها الحضارة الاسلامية:
• عقيدة التوحيد: حيث أرسى الإسلام مفهومًا للتوحيد عندما خاطب مشركي مكة ذاكرًا لهم إنه لا يكفي ما هم عليه من توحيد الربوبية، أي: الإقرار بأن الله هو رب كل شيء وخالق كل شيء، بل لابد أن يقترن هذا الإقرار بالتوجه بالعبادة لله وحده لا شريك له من مخلوقات الله. وقد ترتب على هذا الاقرار آثار ايجابية في بناء المسلمين، لأن الناس عندما يُقبلون على الخضوع لله وحده فإنهم سيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويجاهدون في سبيله لإرساء قيم الحق والعدل والمساواة والكرامة والعلم النافع.
• العدل: وقد ركزت نصوص القرآن والسنة على قضية العدل، فمن الأمثلة القرآنية قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ [النحل: 90]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].
ومن الأمثلة الواردة في السنة النبوية؛ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن عز وجل -وكلتا يديه يمين- الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"
• العلم: حيث جاء الإسلام ليُعيد ترتيب العقل الإنساني، ثم يُطلقه ليعرف ربَّه من خلال آياته في الكون والنفس، فإن أول ما نزل به الوحى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، وهو يختص بالعلم، ومما يدل على اهتمام الإسلام بالعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أسرى بدر؛ تعليم الواحد منهم عشرة من أبناء الأنصار القراءة والكتابة، هذا وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة في الحث على تحصيل العلم النافع، مما كان له أثر فعال في بناء الحضارة الإسلامية.
• الأخلاق الفاضلة: إذ أن القرآن الكريم دستور شامل لتربية الأفراد والجماعات تربية صحيحة في شتى مجالات الحياة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"[2]، فجعل إتمام مكارم الأخلاق هدفًا لبعثته.
• العمل: وهو الذي يشيِّد صرح الحضارة. والإسلام يدعو للعمل بل هو دين عملي، ونبي الإسلام كان يتعوذ من العجز والكسل.
ولقد حث الإسلام الناس على عمارة الأرض في شتى الميادين انطلاقًا من قول الله عز وجل: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، ومن قوله:﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 15]، والأحاديث النبوية التي تدعو للعمل والسعي من أجل طلب الرزق وعمارة الأرض كثيرة جدًّا، وهى التي دفعت المسلمين لإقامة حضارة عالمية جعلتهم في طليعة الشعوب الحضارية.

فهذه هي أسس الحضارة الإسلامية وهي تمثِّل المبادئ الإصلاحية التي تضمَّنها الدين الإسلامي. وبتلك المبادئ أرسل الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم لتنظيم هذا العالم وإصلاحه، وقيادته إلى الطريق السليم الذي يوجِّهه إلى الخير والسعادة، وينأى به عن الشر والشقاء.

 تنويه  كل المعلومات فى المدونة نقلا عن : موقع ويكبيديا للبحث الحر مقالات على الانترنت خدمة معرفية للقراء عن السياحة والأثار فى مصر  فى مكان...